فيلم كريستوفر نولان "تينيت" والوقت

الخيال العلمي الغريب الذي يجمد قدرة العقل على الاستيعاب.
هذا ما أحبه في نولان، طرح السيناريوهات الاصلية، واخراج الأفلام المعقدة التي تحتاج تركيز المشاهد مع القدرة على جعله يستمتع حتى ولو لم يفهم الكثير. 

المخرج كريستوفر نولان أمضى الكثير من الوقت في استكشاف مفهوم الزمن.
في عام 2000 أخرج فيلمه الشهير "Memento" حيث يحكي قصة بالمقلوب - من النهاية الى البداية – عن شخصية تعاني من فقدان الذاكرة على المدى القصير.

 
أصبح نولان بعدها أكثر طموحا، حيث أوجد طرق مختلفة في التلاعب بالوقت في أفلامه كفيلم "Inception" ، "Interstellar" و "Dunkirk"

 
و"Tenet" فيلم الاثارة الاخير الذي يدور حول الجوسسة وعملاء سريين يخوضون حرب شرسة لانقاذ العالم وكل هذا باستخدام قوانين فيزيائية تتخطى معرفتنا، حيث فيه شخصيات واجسام تسير الى الوراء في الزمن مع اخرى تسير الى الامام في الزمن. أو ما يطلق عليه في نص الفيلم الانعكاس الزمني والكثير من الامور غير المألوفة وهو بالتأكيد قصة معقدة.

 

لكن لماذا اخراج هذا الفيلم؟

يقول نولان أنه شعر دائما بالرغبة في كتابة قصة أين تكون فيه الشخصية تتعامل مع الزمن كواقع مادي، وقد تطور ذلك في النهاية على مر السنين إلى هذا العمل "تينيت".

يقول في مقابلة أن الوقت هو جوهر الموضوعات السينمائية لأنه قبل ظهور الكاميرا، لم يكن لدى البشر أي طريقة لرؤية الزمن يمشي للخلف ، أو بصورة متباطئة ، أو متسارعة. وأعتقد أن هذا ذهب بي إلى حد ما لأشرح سبب اهتمامي باستكشافه في الأفلام لأنني أعتقد أن هناك علاقة استثمارية بين الاثنين.

يمكننا الفهم جزئيا من كلامه لماذا اخراج هذا الفيلم فموضوع الزمن أولى اهتمامته بكل بساطة، لهذا أغلب قصصه تدور حول كيفية قياس الوقت ، وكيفية ارتباط الانسان به ، وكيف يمكن أن يكون الوقت ميزة أو عائقا اعتمادًا على من يستخدمه.

- تعلقه بالزمن واضح، لكن السؤال هل يستحق هذا الفيلم المشاهدة؟ 

 
رأيي الشخصي في الفيلم.
أولا أعتقد أن كل قصة من ذلك النوع تحاول ايصال فكرة أو فرضية علمية الى المشاهد هي حتما ستكون صعبة التنفيذ للمخرج وصعبة الفهم للمشاهد، وايضا نولان يعمل جاهدا ليحول عالم افتراضي مبني على نظريات علمية الى الشاشة العملاقة ويدخل مشاهديه في تجربة بصرية وشعورية غير عادية. وهو ربما يريد أن يعرض لنا كيف سيبدو العالم لو كان الزمن يمشي بطريقة عكسية أو بأي طريقة تختلف عن سيرورة الزمن الذي نعرفه. 

هو عمل ذكي وممتع، لكن القصة أثرت كثيرا في رضا المتلقي، أعرف أنه من الغريب أن تعطي رأيك بصورة دقيقة لفيلم خيال علمي لا تفهمه بشكل كلي، لانه قد يحتوي على العديد من الاخطاء العلمية التي تجعله فيلم سيء أو القليل من الاخطاء التي تجعله فيلم يستحق المشاهدة.

لكن بالنسبة لي فأنا ليست مجبرا على فهم كل شيء، لا أريد أن افهم كل فكرة معقدة بالفيلم ما أريده هو التجربة السينمائية الجديدة والمميزة لكريستوفر نولان. 

 

كلنا يتفق على أن الافلام الجيدة تعتمد على عدة عناصر مهمة، كالتمثيل، الحوار النصي، تطور الشخصيات، المؤثرات البصرية، التصميم الصوتي، التوقيت، ومدى براعة المخرج في توظيفها. 

واذا تحدثنا عن نولان فكل شيء يتمحور حول المؤثرات البصرية والتصميم الصوتي، وهو عبقري في ذلك ومن الواضح أن الحوار النصي وتطور الشخصيات هو نقطة ضعف المخرج، لكن ان كنت مهتم بعمله الابداعي في استخدام العنصرين الذي ذكرت، فمن المحتمل أن يعجبك هذا العمل.

في الأخير..
بكل تأكيد نولان، منجذب الى ذلك الواقع بمعنى الزمن ، الذي يتغير احساس الانسان به من شخص الى آخر، وربما أفلامه تمثل له ولنا بمثابة استكشاف بصري وشعوري جديد لذلك البعد الذي لا نعرف الكثير عنه وكيف يمكنه في كل مرة جعلنا ننظر اليه بطريقة مختلفة.