ألكسندر أجا يتفنن في رهاب الأماكن المغلقة والاثارة الخيالية العلمية

 

أكسجين Oxygen (2021) 

 

مراجعة Matt Goldberg ترجمة Ahmed Sahraoui (منقول عن Collider)

فيلم النتفليكس هذا سيبقيك تخمن حتى النهاية

 

 

التحديات المتعلقة بفيلم المكان الواحد تظهر ميزات ومساوئ بوضوح. وفي كفة اخرى، تبدأ الرهانات في التزايد. أنت لديك كمية محدودة من الهواء في مكان واحد، المحيط بطبيعته خانق، وأنت على الأرجح تسارع الزمن. المشاهدين هنا يمكنهم بسرعة فهم ما يجري ويغوصون في الحدث. الخدعة الاكبر هي كيف تبقي الفيلم مشوق، لما يكون لديك فسحة مقيدة لتعالج موضوع الفيلم وكذا ممثل واحد فقط أمام عدسة الكاميرا. فخدعة التشويق والاثارة التي تعد بها مشاهديك قد تتحول بسرعة الى خدعة مملة. الفضل الكبير يعود الى المخرج ألكسندر أجا، وكاتبة السيناريو "كريستي ليبلانك" والممثلة "ميلاني لوران"، فيلمهم الجديد أكسجين أبقانا دائما متعلقين به، حيث يلفون لنا مقدمة الفيلم في طبقات من الغموض، وأصبحنا خاضعين لهم، ليس فقط بسبب سعي بطلة القصة للبقاء على قيد الحياة، لكن أيضا بسبب التفاصيل التي تدور حول وضع وحالة البطلة... المتعة الجميلة لأكسجين هي معرفة كيف سيحافظ صانعي الأفلام على سيرورة القصة وماهي الالتواءات والمنعطفات الجديدة التي سيكشفون عنها لتعزيز الحبكة والارتقاء بها الى الأفضل.

 

تستيقظ امرأة تدعى (لوران) في حجرة تبريد، مع ذكاء اصطناعي يدعى ميلو (ماتيو أمالريك) الذي يخبرها بأن لديها 33% من الأكسجين متبقية وهي في الانخفاض. هذه المرأة لا تستطيع تذكر اسمها أو أي شيء عن نفسها، لكنها عازمة على استعمال الأدوات التي من حولها للنجاة.

 

 

اذا قلت المزيد فذلك سيعد حرقاً للقصة وسيفسد عليك كل المتعة.

 

هذه الحبكة ربما واضحة من البداية ــ حيث يبدأ الفيلم بأول لقطة لصورة جرذ في متاهة ــ ان ما نشاهده ليس كل الشيء، هذه قصة مثيرة عن النجاة وأيضا قصة إكتشاف لحقيقة الوضع التي تعيشه ( لماذا هي هنا، ما هو اسمها..، وقد بني الغموض تدريجيا حول تلك الأسئلة). أسلوب سيناريو "ليبلانك" قادر على نسج مع بعض جانب النجاة والغموض الذي يمهد الى اثارة مستمرة ومسلية.

أكسجين جعلني أراقب ساعتي بشكل متكرر ليس بسبب شعوري بالملل، لكن بسبب حيرتي حول الطرق التي سيتبعها لإبقاء القصة متواصلة.

 

يمكن القول أن المخرج أجا قد قام بجهد كبير في أحد أفضل أعماله الى حد الآن، التزم بحدود حجرة التبريد، فلا مجال للاختباء ولا مكان آخر نذهب اليه، كل لقطة ومشهد  يحمل معه ثقل! ليس فقط الحدة الدرامية بل ببساطة جذبه للاهتمام المشاهد. المساحة  بالكاد أكبر من جسد لوران، لكن هناك العديد من الحيل الذكية والقرارات التي يمكن للذكاء الاصطناعي وجهاز الحجرة فعلها أو لا، وهو الشيء الذي يجعلنا مستثمرين فيما قد يحدث بعد ذلك. بالنسبة لهكذا فيلم وقصة من السهل أن تشعرك بالملل وتفقد بريقها، أجا يحافظ دائما على حركة الكاميرا ويبحث عن أنسب زاوية لإيصال هذه القصة. على الرغم من علمه بحدود مساحة الحجرة فهو عوض ذلك يستخدمها كميزة وأفضلية.

 

 

الكثير من التقدير يجب أيضا نسبه الى لوران، التي تحتاج الى توظيف تدرجاتها العاطفية في حجرة بالكاد أعطي لها المساحة فيها للتحرك. هذا فيلم يعتمد بشدة على عواطفها وتعبيرات وجهها، وهو درس جيد حول ما يجعل الممثل نجماً سينمائيا، النجم السينمائي يبقيك مهتما حتى لو كان لوحده أمام الكاميرا والشاشة، وفي مكان واحد...."أقولها مجددا! لا مجال للاختباء". كل هذا على عاتق الممثلة لوران، وقد قامت بدورها بشكل جميل، شخصيتها لا تمتلك الخبرة أوالمعرفة المسبقة، هي تحاول فهم ما يجري جنبا الى جنب مثلنا تماما كمشاهدين، وقد قدمت "لوران" من وقت لآخر شكلاً عاطفياً لكل اكتشاف جديد.

 

فيلم أكسجين هو لؤلؤة من الخيال العلمي والاثارة، فهو فيلم يعتمد نجاحه أو فشله على مدى تعلق وأسر الجمهور المشاهد. عنصر النجاة يجعل منه سباقا ضد الزمن، لكن بشكل ما ذلك الجزء الأقل أهمية في العمل، ليس وكأن الأكسجين سينفذ في منتصف الطريق، بل بسبب وجود الكثير من الغموض، "أجا" يجبرك على تصديق أن أي شيء ممكن حدوثه. الفيلم في الأساس يلعب لعبة مع الجمهور ــ حين تحاول رؤية ما اذا كان بإمكانك معرفة ما يحصل قبل الشخصية البطلة، وأحيانا استباقك للأحداث الفيلم يصبح مجهودا لا فائدة منه، لهذا فيلم Oxygen يجعل هذه التجربة مثيرة وممتعة.

التقييم: +B