حكاية مجدٍ صنعته إرادة قوية

 

الملك ريتشارد King Richard (2021)

 

مراجعة اسامة سعيد (منقول عن Behind the Scene)

 

فيلم king richard

يقول الفيلسوف والسياسي الثوري “المهاتما غاندي” أن المجد يكمن في محاولة شخصٍ ما في الوصول إلي الهدف وليس عند الوصول إليه، فالكل ينظر فعلياً لمراحل السعي والكيفية التي عمل من خلالها الفرد علي تحقيق أهدافه فتكللت مجهوداته فيما بعد بالنجاح بكافة صوره المختلفة، لإنها ببساطة الإلهام الفعلي التي يصنع منها الأخر تجاربه ويمشي للغاية بناءاً علي نتائج ترتبت علي الأسسٍ المعينة التي هيأها لنفسه.

ولأن التاريخ لم يغلق صفحاته أمام الساعيين لكتابته مرةً تلو الأخري، فهو بكل تأكيد المرجع الملهم الذي نستمد منه عبراً للنفع والدليل إلي الطريق الصحيح حتي ولو تزامنت العثرات والعقبات مع كل وسيلةٍ أدت إلي إنجازٍ ما وإنتصاراً للعزيمة والتفكير السليم علي كل ما يؤدي لأية تراجع، ومن هؤلاء الكادحين الذين سلكوا الطرق يلتمسوا منه المجد والرفعة وسط المجتمع هو “ريتشارد ويليامز” والد نجمتي رياضة التنس الشهيرين “سيرينا” و”فينوس ويليامز”.

 

“ريتشارد ويليامز” الذي ضحي بالكثير وفعل الكثير وثابر علي دفع بناتيه بإرادة ونية مستمرة نحو اليقين التام بأنهم سيكونوا الأفضل وسيشهد العالم بزوع نجوميتهم تصنع الحدث وتحقق الفوز ولا شئ غير الفوز الذي سيضعهم ضمن مصاف الكبار وفي المقدمة دائماً، رحلة درامية قدمها فيلم king richard مفعمة بمشاعر أبوة حقيقية تريد أن تري العالم يكن لها التقدير والإحترام المستحقة نظير الإبهار وإحداث التأثير الكبير في عالم الرياضة ممتداً لسنواتٍ وسنواتٍ طويلة.

 

قصة فيلم king richard

تدور أحداث فيلم king richard في تسعينيات القرن الماضي عن شخصية ريتشارد ويليامز الذي يراهن علي إبنتيه سيرينا وفينوس ويليامز من أجل تحقيق الشهرة في لعبة التنس، ولذلك يسعي لتقدميهما لكل المدربين المتاحين لتولي مهمة الإشراف علي الفتاتين وتنمية موهبتهما بالتنس وخوض المنافسات الكبري العالمية في تلك الرياضة علي وجه التحديد. 

مراجعة فيلم king richard

يقدم سيناريو فيلم king richard أهم وأبرز التفاصيل عن عائلة “ويليامز” والخطوات التي إتخذها “ريتشارد ويليامز” من أجل ضمان مستقبل إبنتيه، ويركز في الوقت ذاته علي مبررات تلك الدوافع الداخلية لدي “ريتشارد” ومسببات أفعاله ورفضه لبعض الفرص التي من الممكن أن تُستغل دون تفكيرٍ زائد، وتجلي ذلك العنصر علي وجه بأسلوب درامي متماسك ومدعم بكل تأكيد بأداء النجم “ويل سميث” المثالي شكلاً ومضموناً.

 

أيضاً من مزايا سيناريو فيلم king richard هو الطريقة التي يعرف بها المشاهد من هو “ريتشارد ويليامز”، وهي عن طريق استخدام أدوات السرد والقصة واستغلال أغلبية مشاهد فيلم king richard من أجل من أجل تكوين صورٍ عامة عن الشخصية ،كما أن النص السينمائي نجح في التمهيد بطريقة مثالية للتحولات الرئيسية في القصة التي أحدثت تغييراتٍ كبيرة في القصة نفسها ومنطقية في الوقت ذاته يسهل إدراك ما الذي أدي لحدوثها.

علي الجانب الأخر وبالرغم من أنهم ليسوا بكثرة بالفيلم، إستطاع السيناريو تصوير بعض جوانب المباريات الصعبة التي خاضتها “فينوس ويليامز” علي وجه التحديد، وذلك قد أدي إلي تفاعل حقيقي من قبل المشاهد مع “فينوس” ويتفاعل مع خساراتها ويفرح بإنتصارها وتحقيق أحلامها الخاصة، كل ما سبق قد يعزز فرصة سيناريو فيلم king richard في الترشح لجائزة السيناريو المقتبس في انتظار ما ستسفر عنه الشهور القادمة والتابعة لموسم الجوائز.

ولكن بكل تأكيد “ويل سميث” سيتم ترشيحه للاوسكار هذا العام عن جدارة واستحقاق ، فالحس الدرامي عند “سميث” كان طاغياً بمواقف الفيلم الرئيسية مما يرجح الاريحية الكبيرة في أداء شخصية “ريتشارد ويليامز” المفعمة بهدفٍ واحد ولا شئ غيره والعاطفية في اوقاتٍ كثيرة حينما يتم مواجهته بما يفعله، وكذلك والارتجال الحواري الذي يقنع المشاهد بسهولة بأن ذلك الرجل بفعل ما يفعل من اجل المصلحة العامة، ولابد أن يدرك ذلك أبناءه من أجل أن يحظوا بفرصة إعتلاء أعلي المراتب وسط المجتمع الذي لا يتقبل أغلبه من هم ذويهم.

وما يعزز بشكلٍ كبير أحقية “ويل سميث” في التكريم هذا العام هو تطابق اداء “ويل سميث” مع شخصية “ريتشارد” الحقيقية في هيئته وطريقة تعبيره ونظراته وتركيزه علي تحقيق أهدافه، وهذا هو ما نريده من “ويل سميث” دائماً أن يكثر من العمل الدرامي الذي لإيصال فقط موهبته المتفجرة منذ زمن، بل تجعله دائماً في طليعة النجوم الكبار وهو منها بالطبع ولكن باستمرارية دائمة، وهذا ما يجب ان يكون شعار “سميث” فيما هو قادم.

في الختام، فيلم King Richard مثلما هو عملٌ سينمائي قيم بناءاً علي معايير صناعة السينما المعروفة هو أيضاً درس بالغ الأهمية وعظة في الحياة لكل إنسانٍ يرغب في إثبات تواجده وفي كل المجالات سواءاً هو شخصياً أو بمن معه.